الخير والشر والحسن والقبيح والحسنة والسيئة والطيب والخبيث

April 2, 2018 § 2 Comments

 أحمد-مراد_2344

الخير: كل شيء مرغوب فيه بذاته يكون فيه النفع والصلاح والسعادة وإن لم يكن مرغوبا فيه عند الناظر إليه، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، فالجهاد خير ومرغوب فيه وإن لم يرغب فيه كثير من الناس. ومنه يقال “لا خير فيه” لشيء ليس فيه نفع.

وضد الخير الشر فهو كل شيء مرغوبا عنه بذاته يكون فيه الضرر والفساد والشقاوة، وإن كان مرغوبا فيه عند الناظر إليه، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ. ولما كان الخير ضد الشر والشر فيه الضرر، قوبل الخير بالضرر أيضا، قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

ومن هنا سمي البلاء والمصيبة شرا والسعة والعافية والمال خيرا، قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ، وقال: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ. فذاتية البلاء والمصيبة شر لكن إذا قابلها المؤمن بالصبر صارا خيرا له وعلى ذلك قول النبي صل الله عليه وسلم: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، فهذا هو الخير المقيد. وكذلك السعة والعافية والمال خير بذاته لكن إذا قابلها العبد بالكفر صار شرا له وهذا هو الشر المقيد، قال تعالى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ. وقال تعالى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ، يعني أن ما آتاهم الله من المال وغيره وإن كان من الخير لكن لما قابلوه بالبخل صار شرا لهم.

والحسن كل شيء مستحسن ومرغوب فيه عند الناظر إليه وإن لم يكن مرغوبا فيه بذاته ولم يكن فيه النفع والصلاح. ولذلك ينقسم الحسن إلى خمسة أقسام؛ الحسن بقضية الشرع، والحسن بقضية العقل، والحسن بقضية العادة، والحسن بقضية الحس والحسن بقضية الهوى. وكل ما استحسنه الشرع والعقل السالم يكون خيرا قطعا لأنهما لا يستحسنان شيئا إلا إذا كان فيه النفع والصلاح. وما استحسنه العادة والحس فجائز أن يكون خيرا لما فيه من النفع والصلاح أو لا. وأما ما استحسنه الهوى فلا يكون إلا شرا، لقوله تعالى: وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وقوله: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ۝ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى.

قال الراغب: والأكثر أن يقال الحسن عند تعارف العامة في المستحسن بالبصر، يقال: رجل حَسَنٌ وحُسَّان، وامرأة حَسْنَاء وحُسَّانَة، وأكثر ما جاء في القرآن من الحسن فللمستحسن من جهة البصيرة، نحو قوله تعالى: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أي أحسن القول وهو كلام الله وكلام رسوله، المشار بقوله: اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا.

وضد الحسن القبيح فهو كل شيء مستقبح مرغوب عنه عند الناظر إليه وإن لم يكن مرغوبا عنه بذاته ولم يكن فيه ضرر وفساد. ولذلك ينقسم القبيح أيضا إلى خمسة أقسام؛ القبيح بقضية الشرع، والقبيح بقضية العقل، والقبيح بقضية العادة، والقبيح بقضية الحس والقبيح بقضية الهوى. وكل ما استقبحه الشرع والعقل السالم يكون شرا قطعا لأنهما لا يستقبحان شيئا إلا إذا كان فيه الضرر والفساد. وما استقبحه العادة والحس فجائز أن يكون شرا لما فيه من الضرر والفساد أو لا. وأما ما استقبحه الهوى فلا يكون إلا خيرا، لقوله تعالى فيما مر من النهي عن إتّباع الهوى.

وقوله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ، أي: من الموسومين بحالة منكرة، وذلك إشارة إلى ما وصف الله تعالى به الكفّار من الرّجاسة والنجاسة إلى غير ذلك من الصّفات، وما وصفهم به يوم القيامة من سواد الوجوه، وزرقة العيون، وسحبهم بالأغلال والسّلاسل ونحو ذلك.

فالحسن والخير افترقا في كون الخير مرغوبا فيه بذاته وكونه فيه النفع وكون الحسن مستحسنا ومرغوبا فيه عند الناظر إليه وإن لم يكن فيه النفع، فقد يكون الشيء مرغوبا فيه بذاته ويكون فيه النفع وليس مستحسنا ومرغوبا فيه عند الناظر إليه، ويكون مستحسنا ومرغوبا فيه عند الناظر إليه وليس فيه النفع، فإذا جمع شيء كونه مرغوبا فيه بذاته وكونه فيه النفع وكونه مستحسنا ومرغوبا فيه عند الناظر إليه، فهذا الذي يسمى “حسنة”، فيعبر بها عن العمل الصالح، والنعمة، قال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وقال: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا، وقال: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وضد الحسنة السيئة وهي التي جمعت كونها مرغوبا عنها بذاته وكونها فيها الضرر وكونها غير مستحسنة ومرغوبا عنها عند الناظر إليها، فيعبر بها عن العمل الفاسد والمصيبة، قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ، وقال: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا.

أما الطيب فكل شيء جمع بين الخير والحُسن والطهارة، وأصل الطيب ما تستلذّه الحواسّ، وما تستلذّه النّفس، ولا يكون الشيء يستلذ به إلا إذا كان منزه عن كل ما يؤذي، فالطعام والمال طيبان إذ كانا منزهين عن ما حرم الله، وما تستنكف عنه النفوس، قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ. والأعمال والأقوال طيبات إذ كانت منزهة عن المفسدات، خالصة لوجهه تعالى، ناشئة من أكل الحلال، قال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وفي الحديث: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، ووصف الله بالطيب هنا لكثرة خيره وحسن ذاته وأوصافه وطهارته من النقائص. والمؤمن طيب إذ كان موسوما بالنفع والصلاح وحسن السلوك، طاهرا قلبه وجوارحه عن المعاصي والفواحش، قال تعالى: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ، وقال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. ومن هنا قوله تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ، فأمر الله الرجال نكاح المرأة الطيبة التي يكون فيها الخير والحسن والطهارة من الفواحش، وقيد ب “لكم” ليفيد أن طيب المرأة في النكاح تختلف باختلاف الأشخاص، فربما تكون المرأة طيبة لرجل وغير طيبة لرجل آخر وإن كانت طيبة في نفسها.

 وضد الطيب الخبيث الذي جمع بين الشر والقبح والدناسة، فتكرهه النفوس وتستنكف عنها. فالطعام والمال خبيثان إن اتصفا بهذه الأوصاف، قال تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ، وقال: وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ. وكذلك سمي المعاصي الخبائث لشملها هذه الأوصاف؛ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ، وهي المذكورة في قوله: أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ. والكافر والمنافق خبيثان لشرهما ورجس قلوبهما وأقوالهما وأفعالهما، قال تعالى: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ أي المنافق من المؤمن، وقال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ۝ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ. وإذا كان الأرض نافعة تنبت الكلأ والأشجار والثمار وصفت بالطيب كان عكسها التي قليل النفع وصفت بالخبث، قال تعالى: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا، والنَكَدُ كُلُّ شيءٍ خَرَجَ إلى طالبِهِ بتعسُّر. وقال النبي صل الله عليه وسلم «مَنْ أكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فَلا يَقْربَنَّ مسجدَنا» يُريد الثُّومَ والبَصَل والكُرَّاثَ، وخُبْثُهَا مِنْ جهَة كَرَاهَةِ طَعْمها وَرِيحِهَا وإيذائها لأهل المسجد لا لأنهما حرام.

Tagged: , , ,

§ 2 Responses to الخير والشر والحسن والقبيح والحسنة والسيئة والطيب والخبيث

  • Gilang says:

    Assalamu’alaikum, saya sangat tertarik dan merasa tulisan ini luar biasa.. kalau boleh saya bertanya, dari mana rujukannya ya tentang artikel ini.. soalnya kl melihat artikelnya berdalil

Leave a comment

What’s this?

You are currently reading الخير والشر والحسن والقبيح والحسنة والسيئة والطيب والخبيث at Spirit Islam Inside.

meta