الدعوة إلى الله؛ كيفيتها ووسيلتها

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

الأساس الأول لإقامة دين الله وإعلاء كلمته هو الدعوة إلى الله، وهي من أعظم شعائر الدين، وأسمى سمة المسلمين، ولها أرسل الله الأنبياء والمرسلين، ثم قام عليها من بعدهم من العلماء الربانيين، والأولياء والصالحين، ومن له محبة وغيرة في الدين. وكيف يصح لعبد أن يدعي المحبة لله وهو لا يغار لمحارمه إذا انتهكت ولا لحقوقه إذا ضيعت؟! قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، قال ابن كثير عن الآية: وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ فرْقَة مِنَ الأمَّة مُتَصَدِّيَةٌ لِهَذَا الشَّأْنِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ بِحَسْبِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَده، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ”. وَفِي رِوَايَةٍ: “وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ”.^[1]

ما هو اللمم؟

قال تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ. اللمم: صغائر الذنوب،وهو من ألمّ إذا قارب، ومعناه ما يقارب الكبائر من الذنوب الصغار. قَالَ الْفراء: فِي قَوْله: إِلَّا اللمم يَقُول: إِلَّا المُتقارب من الذُّنوب الصَّغيرة. وسمعتُ الْعَرَب تَقول: ضَربته مَا لَمَمُ القَتل. يُريدون: ضربَا مُتقارباً للْقَتْل. وَسمعت آخر يَقُول: ألمَّ يفعل كَذَا، فِي معنى: كادَ يَفعل. ومنه الحَدِيث: (وإنّ مِمَّا يُنْبت الرَّبيع مَا يَقتل حَبَطاً أَو يُلِمّ) أي يَقرُب من ذلك. وعن ابن عباس قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنى أَدْرَكَهُ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَى الْعَيْنَينِ النَّظَرُ، وَزِنَى اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ”.[1] وعن ابن مسعود قال: زنى العينين: النظر، وزنى الشفتين: التقبيل، وزنى اليدين: البطش، وزنى الرجلين: المشي، ويصدّق ذلك الفرْج أو يكذّبه، فإن تقدّم بفرجه كان زانيا، وإلا فهو اللمم.[2] وعلى هذا فالإستثناء منقطع.

وقيل الإستثناء متصل ومعنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم أي إلا أن يلمّ بها ثم يتوب. يقال أَلْمَمْتُ بفلانٍ إلْمَاماً وَمَا تَزورُنا إلَّا لِمَاماً أي غبا، قَالَ أَبُو عُبيد، مَعْنَاهُ: الأحيانَ على غير مُواظبة وَلَا وقتٍ مَعْلوم. ويشهد لهذا القول قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ.

_________________________

[1] متفق عليه

[2] انظر تفسير الطبري

نور الله في قي قلب المؤمن

من فهم المثل لنوره الذي ضربه الله في آية النور علم كيف زاد نورا إلى نوره، قال الله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

فنور المؤمن في قلبه كمشكاة فيها مصباح والمشكاة جسم المؤمن والمصباح نور الإيمان، والزجاجة التي فيها مصباح؛ قلبه. وهذا المصباح يوقد من شجرة مباركة زيتونة والمراد بها النبي صل الله عليه وسلم فإنه ولد في مكة في جزيرة العرب لاشرقية ولا غربية لأنها تقع على وسط الأرض بإجماع أهلها. وزيتيها التي يكاد يضيء ولو لم تمسسه نار هو ما جاء به من القرآن والسنن فإنه في غاية الصفاء ليس فيه كدر.

أذكار الصباح والمساء (Dzikir Pagi & Petang)

«بِسْمِ اللَّهِ عَلَى نَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي».[1]

«بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» ثلاثا.[2]

«أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» ثلاثا.[3]

«أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ۝ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ۝ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ۝ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.[4]

آداب طلب الفضل من الله

اجعل بكرتك وقتا لطلب الرزق والفضل من الله فإن الغدو بركة ونجاح.[1] ولا تنامنَّ في أول النهار فإن نومه خُرق.[2] واعلم أن أطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور، واطلب الرزق في خبايا الأرض.[3] ومن أراد أن يتخذ ماشية فالغنم فيها بركة، والإبل عز لأهلها،[4] والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.[5]

فإذا خرجت من البيت لابتغاء فضل من الله ورزق منه مما ينفعك في أمر دنياك وآخرتك فأحسن النية فيه واجعله لامتثال أمر الله وابتغاء مرضاته، وقل كما مر: بِسْمِ اللَّهِ، آمَنْتُ بِاللهِ، اعْتَصَمْتُ بِاللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ،  اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ، أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ، أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ.

البر والأبرار، من هم؟

البِّر: بالكسر اسم للخير من الأعمال الصادق الخالص من شوائب تُفسده. والبر من الله تفضله على عباده المؤمنين بإدخالهم الجنة وإبعادهم من النار وما من الله عليهم من النعم ظاهرة وباطنة في الدنيا والآخرة. قال تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ، قال الإمام أبو جعفر الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه: لن تدركوا، أيها المؤمنون، البرَّ وهو”البر” من الله الذي يطلبونه منه بطاعتهم إياه وعبادتهم له ويرجونه منه، وذلك تفضّله عليهم بإدخالهم جنته، وصرف عذابه عنهم. ولذلك قال كثير من أهل التأويل”البر” الجنة، لأن بر الربّ بعبده في الآخرة، إكرامه إياه بإدخاله الجنة.[1] ولذلك استحق أن يوصف سبحانه وتعالى بالبر: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ۝ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ.

آداب الرجل مع زوجه والمرأة مع زوجها

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۝ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾

اعلم أن كلكم راع والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسئولة عنهم،[1] وأنَّ أَكْمَلَ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ وأن خير الرجال خيرهم لنسائهم[2] وأن خير النساء من يسرّ زوجهابحسنها وحسن معاشرتها، مطيعة خاضعة له حافظة لحقوقه في نفسها وماله في غيبه وحضره.[3]

ما يفعل الرجل في أواخر أيامه من الدنيا

 إذا بلغت أشدك وبلغت أربعين سنة، فقل: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وكن دائما في مزيد في طاعة الله وعبادته واستحضر ذكر هاذم اللذات في قلبك ودوام التفكر في أمور آخرتك وأعدَّ بلغة من الأعمال الصالحات للقاء ربك. فليس بعد هذا العمر ساعة للغفلة واللهو بل ساعة الجد والإجتهاد، فقد خلت منك ثلثا العمر وبقي ثلثه لا تدري هل بلغت آخره أم لا؟[1]

شرح أركان الإيمان

الإيمان هو لب الإسلام، ومنه ينشأ ويتفرع الأعمال. وإذا أتى رجل بعمل من أعمال الإسلام بدون إيمان فعمله باطل خاو ما له من قرار. فالإسلام أعم من الإيمان، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم بمؤمن، ولذا قالوا: الإيمان هو الإسلام وزيادة، قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾. وبالنسبة أن الأعمال تنشأ من الإيمان أطلق لفظ الإيمان لها وتنسب إليه. وبالنسبة أن الأعمال من شريعة الإسلام وتعاليمه أطلق لفظ الإسلام لها وتنسب إليه. ومن هنا دخل التداخل في هذين اللفظين، فيطلق الإسلام على الإيمان، والإيمان على الإسلام.

وظائف شهر الصيام ويوم عيد الفطر

إذا شهدت شهر رمضان الذي نزل فيه القرآن فصمه نهاره وقم لياليه إيمانا واحتسابا، وأكثر من تلاوة القرآن والبر والصدقة والإحسان. وكذا أكثر من قول لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ والإستغفار وسؤال الجنة والإستعاذة من النار. وتَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً،[1]ونِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ[2]. وأخر السحور وعجل الفطر[3]. فإذا كنت صائما فلا ترفث ولا تصخب ولا تجهل، وإن شاتمك أحد أو قاتلك فقل: “إني صائم” مرتين.[4] ومَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.[5]